الثلاثاء، 3 مايو 2011

هجرة النور

هجرة النور
كَلِّلْ بَيَانَكَ بِائْتِلاقِ الغَارِ
رِدْ بِالقَصِيدِ مَرَاشِفَ الأَنْوَارِ
وَاضْرِبْ بِأَجْنِحَةِ الخَيَالِ مُحَلِّقًا
فَوْقَ السُّهَا فِي عَالَمِ الأَطْهَارِ
وَاسْبَحْ بِأَعْمَاقِ البِحَارِ مُفَتِّشًا
عَنْ لُؤْلُؤٍ يَغْفُو بِجَوْفِ مَحَارِ
وَاجْعَلْ حُرُوفَكَ مِنْ ضِيَاءٍ وُشِّيَتْ
جَنَبَاتُهَا بِرَوَائِعِ الأَزْهَارِ
لَمْ أَرْتَشِفْ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ قَاصِدًا
أَنْ تُجْتَبَي بِنَفَائِسِ الأَشْعَارِ
• • •
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ وَالمَشَاهِدُ كُلُّهَا
عِبَرٌ لأَهْلِ الفَهْمِ وَالأَبْصَارِ
مِنْ يَوْمِ كَانَ مُحَمَّدٌ فِي قَوْمِهِ
رَمْزَ الأَمَانَةِ لَيْسَ بِالغَدَّارِ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ الوَرَى
لِيُطَهِّرَ الدُّنْيَا مِنَ الأَوْضَارِ
وَفَّى لِدِينِ اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ
وَتَحَمَّلَ الإِيذَاءَ فِي إِصْرَارِ
وَتَحَجَّرَتْ تِلْكَ القُلُوبُ وَمَا عَسَى
يُجْدِي الكَلامُ بِمَسْمَعِ الأَحْجَارِ
أَذِنَ المُهَيْمِنُ لِلضِّيَاءِ بِهِجْرَةٍ
قُدُسِيَّةِ الغَايَاتِ وَالأَوْطَارِ
فِي صَفْحَةِ التَّارِيخِ يَسْطَعُ نُورُهَا
حَدِّثْ بِلا حَرَجٍ عَنِ الأَسْرَارِ
• • •
يَا عُصْبَةَ الشِّرْكِ الَّتِي مِنْ جَهْلِهَا
ضَاقَتْ وَرَامَتْ مَقْتَلَ المُخْتَارِ
جَاؤُوا بِفِتْيَانِ القَبَائِلِ مِلْؤُهُمْ
حِقْدٌ تَأَجَّجَ عِنْدَ بَابِ الدَّارِ
فَإِذَا العِنَايَةُ بِالحَبِيبِ تَرُدُّهُمْ
سُودَ الوُجُوهِ تَسَرْبَلُوا بِالعَارِ
مَرَّ الهُدَى مِنْ بَيْنِ أَنْيَابِ اللَّظَى
يَحْثُو التُّرَابَ بِأَوْجُهِ الكُفَّارِ
يَا سَيِّدِي فَارَقْتَ مَكَّةَ مُرْغَمًا
تَأْسُو الجِرَاحَ بِقَلْبِكَ المَوَّارِ
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوكَ وَأَمْعَنُوا
فِي غَيِّهِمْ بِتَعَقُّبِ الآثَارِ

وَصَلُوا إِلَيْكَ بِغَارِ ثَوْرٍ بَيْنَمَا
كَانَتْ تَحُوطُكَ حِكْمَةُ الأَقْدَارِ
وَقَفُوا تُعَرْبِدُ فِي الصُّدُورِ عَقَارِبٌ
عَزَّتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةُ الإِبْصَارِ
هِيَ قِصَّةٌ لِلمُؤْمِنِينَ مَنَارَةٌ
لَيْسَتْ تُمَلُّ بِكَثْرَةِ التَّكْرَارِ
فِي مُحْكَمِ القُرْآنِ خُلِّدَ ذِكْرُهَا
تُتْلَى دَوَامًا (إِذْ هُمَا فِي الغَارِ(
أَنَا لَسْتُ أَنْسَى وَالبُطُولَةُ مَوْقِفٌ
مُتَلأْلِئٌ رَهْطًا مِنَ الأَبْرَارِ
هَذَا عَلِيٌّ فِي فِرَاشِ المُصْطَفَى
يَفْدِيهِ مِنْ سَيْفِ العِدَا البَتَّارِ
وَمَنَاقِبُ الصِّدِّيقِ جَلَّ بَهَاؤُهَا
قَدْ أَهَّلَتْهُ لِصُحْبَةِ المُخْتَارِ
) أَسْمَاءُ(تَأْتِي بِالطَّعَامِ إِلَيْهِمَا
وَشَقِيقُهَا مُتَعَهِّدُ الأَخْبَارِ
مَوْلَى (أَبِي بَكْرٍ) يُسَمَّى (عَامِرًا(
فِي رَعْيِهِ يُعْفِي عَلَى الآثَارِ
يَا (أُمَّ مَعْبَدَ) طَابَ ذِكْرُكِ فِي الوَرَى
وَالخَيْرُ فَاضَ بِمَقْدَمِ الأَخْيَارِ
إِنْ كَانَتِ النُّوقُ الكَثِيرَةُ ثَرْوَةً
تُغْرَى بِهِنَّ عَزِيمَةُ المِغْوَارِ
فَاسْأَلْ )سُرَاقَةَ) كَيْفَ سَاخَتْ أَرْجُلٌ
لِجَوَادِهِ مُتَيَقِّنًا بِبَوَارِ
وَاسْأَلْهُ عَنْ سِرِّ الرُّجُوعِ مُخَذِّلاً
لِلطَّامِعِينَ بِذَلِكَ المِضْمَارِ
هَلْ كَانَ صَدَّقَ مِنْ طَرِيدٍ وَعْدَهُ
مِنْ مُلْكِ كِسْرَى تُجْتَبَى بِسِوَارِ

جَاءَ الحَبِيبُ إِلَى المَدِينَةِ رَحْمَةً
أَنْوَارُهَا تَسْرِي إِلَى الأَقْطَارِ
جَاءَ الحَبِيبُ هِدَايَةً وَكَرَامَةً
بَعَثَتْ بِهِنَّ عِنَايَةُ الأَقْدَارِ
مِنْ نُورِهِ لَمَّا أَهَلَّ عَلَى الرُّبَى
أَغْضَتْ حَيَاءً طَلْعَةُ الأَقْمَارِ
نُورُ النُّبُوَّةِ حَلَّ بَيْنَ رُبُوعِهَا
وَتَشَرَّبَتْهُ قَبَائِلُ الأَنْصَارِ
طُوبَى لَهُمْ لَمَّا وُقُوا شُحَّ النُّفُو
سِ وَخُلِّدُوا فِي الذِّكْرِ بِالإِيثَارِ
صَارُوا وَمَنْ قَدْ هَاجَرُوا أُسْطُورَةً
عَزَّ النُّضَارُ إِذِ الْتَقَى بِنُضَارِ
طُوبَى لَهُمْ لِمَّا تَعَاظَمَ رَكْبُهُمْ
فَتَحُوا الرُّبُوعَ بِجَحْفَلٍ جَرَّارِ
وَاللَّهُ أَيَّدَهُمْ وَبَارَكَ سَعْيُهُمْ
نَثَرُوا الهُدَى وَرْدًا عَلَى الأَمْصَارِ.

ليست هناك تعليقات: