الجمعة، 30 سبتمبر 2011

اليوم الموعود


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلو جراح السنين ويزيدها مرارة ظلم ذوي القربى ,إسلامنا بلا ماء ,أرضنا بلا حبوب , جيوبنا بلا نقود , و لاكن لا زال يبتسم فهو على أمل اللقاء مع ذاك اليوم الموعود, ارتمى بين أحضان الذكريات , شقاوة الطفولة براءتها لا زال عالقا في ذهنه شطره قلبه الأول , أبي ما هذا ويرد بكل حنو أنه قط ,عصفور,طائرة أو دجاجة ويلح في السؤال أكثر من مرة وأبوه فرحا بهِ ,لا كن يتوقف لحظة ويبكي فصاحب الحنو أنتقل إلى رب السموات والأرض رحمه الله فكم نفتقده وتفتقده الأيام , تحمر وجنتاه مرة أخرى حين يتذكر كيف كان يلعبُ لأمهِ بأدواتِ مطبخِها المتواضع الهيئة ورغم تواضعهِ يخرجُ ما لذ وطاب منه *__^ , يعود للبكاء أخرى فالنصف المتبقي من القلب مضى في نفس الطريق ليفتقد لجزء أخر , تتماشى هبات الريح من على حواف وجهه لتعطي دموعه طعم أخر فكم هو يفتقد إلى ذاك القلب ,يسير بخطوات متتابعة ويحدوا معه الأمل , فهناك من ينتظره وينتظرها .!
صوت المؤذن يرتفع وصيحات الديوكِ تعلوا المكان , آه لقد أدركني الفجر يمضي ذاك المسكين وقطراتُ الماء العذب رغم ملوحتهِ تدفعه للسير بخطوات موزونة السرعة فكم يشتاقُ إلى اللقاء الحتمي الذي يسألُ الله الثبات عليه ,وما أن بدأ يرتل أبا محمد الآيات و إذ به يتلو(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًاإِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَافِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا ) )الإسراء/23-25(ليرتفع النحيب في ذاك المسجد, ولم ينسى أبا محمد ذاك الأمام الدكتور في الجامعة الإسلامية أن يتحف الحاضرين بورد الدعاء اليومي الذي ما أنفض المصلين إلى بيوتهم إلى وهم تركوا خلفهم أثار زخات دموعهم قد ملئت سجاد المسجد .
عاد خالد إلى بيته بعد أن نظر إلى أجمل ما ينظر إليه في هذه الدنيا فتلك الكلمات ليس لها مثيل فهي آيات الله ,وما أن برح فراشه حتى سمع نداءً آخر يتمناه ,
عماد: يا خالد هل تسمعني أرسل .
خالد :نعم يا عماد أسمعك بكل وضوح.
عماد :نحن في الميدان والعدد قليل هل أنت قادر على المجيء, دون تردد رغم احمرار الوجنتين ينطلق ذاك الأسد الهمام,
 وما أن وصل إلى المكان حتى كانت القوات تتقدم من كل مكان فتذكر خالد ذاك الحلم أدرك أنه رؤية حين وصل إلى المكان ولتبدأ المعركة, الله أكبر ولله الحمد أقتلوا اليهود الجنة تنادينا , صيحات التكبير تعلوا المكان هنا, وهناك على الجانب الأخر صراخ القرود والخنازير,فينطلق عماد ويفجر نفسه في مجموعة منهم ويتبعه محمد وسعد
وخالد لازال يسقي القرود علقما بمعشوقته التي اغتنمها في معركة سابقة, ولتهدأ أصوات الصيحات والطلقات حتى تحين الفرصة فأربعة من القرود حولوا الالتفاف كالعادة و لاكن نباهة الأبطال كانت حاضرة, فأنطلق خالد صوبهم وأثخن فيهم حتى اكتملت تلك الرؤية التي توقفت وهو يزأر في وجه أربعة من القرود, أشهد إلا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ,يتعطر المكان بعبير المسك وتنحني الأزهار أمام هذا العطر الفواح وأخيرا جاء اليوم الموعود,ومضى إلى العلياء وأرتحل.
بقلم ناصر مهنا غزة \فلسطين المحررة بأذن الله .

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

ساهر على شرفاتِ القمر

مفتاح
ساهرٌ على شرفاتِ القمر
غريبٌ عني معنى الوطن
ساهرٌ والألم ساهرٌ والأمل


إنّا ها هنا والإسلام في صدرونا عامر
إنّا ها هنا والفجر لابد قادم
إنّا ها هنا رغم الطغيان رغم المجازر
أساسيات
إنّه القرآن في أذهاننا حاضر
وعيوننّا للأقصى ستبقى تغامر
عهدا علينا أن نبقى جبالا
دون المعالي ما وطئت
وكنا نعم الرجال في كل حالٍ

أبجديات
سندوس الجراح ونعلي
راية الإسلام  خافقة الجناح
سندوس الطاغوت يوما
والأسنة جاريات والرماح

يا عالم القرود أما آن لكم أن تفهموا
أما آن لكم أن تنظروا أما آن ...؟
إننا نسموا للخلود للخلود للخلود

روابي
يا ورود الشوق فوحي و أنثري  
فوق الرواسي الشامخات عطوركِ
 ولتغني الطيور رغم جراحها  
كسروا الزجاج ففاح عطر الشهداء
وإننا "مجاهدون قادمون منتصرون"

الخاتمة
أشاح القمر عن وجهه الغبار وأنطلق نحو الأمل
رفع اليدين من جيبه سار نحو العطر الفواح والورود المنثورة
وأخيرا أفاق القمر ...,

بقلم ناصر مهنا غزة \فلسطين

الأحد، 25 سبتمبر 2011

مـمـلـكــةِ الــعــــجــائــبِ

ضــاقَ عــلى الضــــرغام ِ يــومــاً غـــابُهُ
وانـقـطـعــــتْ مــــن رزقـــهِ أســـــبـابُـهُ 
 فــقــالَ للـــفـهْـدِ : أشــِــــرْ بـمـــا تــــــرى
فــــقـــالَ : إنّ الــخـيـرَ فــي تـرك ِ الشـَّـرى
فــمـشـَــيــا فــي الأرض ِ حــتــى وجـــدا
غــــابـــاً حـــوى مـــن الـوحـوش ِ عـددا
  وبـَـــصـُـــرا بــالـــقِـــردِ وهـْـو يــحــكـُمُ
يــُومـِئُ بـــــالـلـّحـظِ و لا يـُـــــكــــــلـِّــمُ 
مـُنـْتـَـفـِخ ٌ كــــالـلـيـــثِ وهْــــو قـِــــــردُ
مـُنـــفــــردٌ بـــالـــحـُـكـْم ِ مُــسـْــتــََـبـِـــدُّ 
لـهُ بـِــطــــانــــة ٌبـهــــــــا الـحـِـمـــــــارُ
مـُــدّخـَـــــرٌ لـلـــرأي ِ مـُـسـتــشـــــــــــارُ 
والـــبــــغــْـلُ فـــيـــهـا الشـاعـرُ المـقـدّم
وقــُنـفــُذ ُ الـجـُحــْـر ِ الــكـَــمِي الـمُـــعــلـِّمُ 
والـبـُــومُ للـبــُـشـــرى بـكــــــلِّ خـــيــر ِ
والـــبـــــبــغــاواتُ لـحـِــفـــــظِ الـــسـِّـرِّ 
والـضـــفـدعُ الــصـدّاحُ و المغـــنـــــِّــي
والــذئــــــبُ قــــائـِـمٌ بـــأمــــر ِ الأمـــن ِ  
والـــجُـرذ ُالـــقـائـــمُ بــــالإصــــــــلاح ِ
والـهـِـرُّ طـاهـي اللـحـْم ِ فــي الأفــــراح  ِ  
والــــدُبُّ للـــزمـْــر ِ وقــرْع ِ الــطـَّــبــــل ِ
والـــفـــيـلُ للألـعـابِ فــــوقَ الـحــــبـل ِ 
رأى الــهـِــزَبــْرُ مــا رأى فـــــــــــزارا
وقــال للـفـهْــدِ : أ حقٌّ مـــا تـــــَــــــرى؟؟ 
فـــقــالَ : يــــا مــولايَ حـــقٌّ صـــــدقُ
جــمــيــعُ مــا يـفــعــلُ هــذا الـخــلـْقُ 
لــيـــسَ الـــذي تــرى مـــن الـغـرائبِ
فـنـحـنُ فـي مـمـلـكــةِ الــعــــجــائــبِ

الخميس، 15 سبتمبر 2011

إبليس مؤمن و لا كن

 إبليس مؤمن و لا كن
بداية مفهوم الإيمان
الإيمان بالله معناه أنك قد آمنت وصدقت بأنه سبحانه الذي خلق الخلق وهو سبحانه منزه عن كل هوىً وغرض، وأنه سبحانه ليس كمثله شيء، في العلم، والخلق، والرحمة، والانتقام، إلى آخر صفات الله سبحانه وتعالى
وهنا حديث أبي هُرَيْرَةَ قال (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناسِ فأَتاه رجلٌ فقال: ما الإيمان قال: الإيمان أن تؤمنَ بالله وملائكتِهِ وبلقائِهِ وبرسلِهِ وتؤمَن بالبعثِ قال: ما الإسلامُ قال: الإسلامُ أن تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به وتقيمَ الصلاةَ وتؤدِّيَ الزكاةَ المفروضةَ وتصومَ رمضانَ قال: ما الإحسان قال: أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك قال: متى
-
الساعةُ قال: ما المسئولُ عنها بأَعْلَم مِنَ السائل، وسأُخبرُكَ عن أشراطِها؛ إِذا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا، وَإِذا تطاولَ رُعاةُ الإبِلِ البَهْمُ في البنيان، في خمسٍ لا يعلمهنَّ إِلاَّ الله ثم تلا النبيُّ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الله عنده علم الساعة ) الآية: ثم أدبر فقال: رُدُّوه فلم يَرَوْا شيئاً فقال: هذا جبريل جاءَ يُعَلِّمُ الناسَ دينَهم) متفق عليه

نعم  إن إبليس مؤمن لاكنه مطرود من رحمة الله
هل تحب أن أثبت لك هيا بنا نتدبر آيات الله

قال تعالى في محكم كتابه "خلقتني من نار وخلقته من طين "
من الذي قال "إبليس"
إذن آمن به خالقا "كما أنت تؤمن به خالقا"
ثم قال :رب "فبعزتك " إذن
آمن به عزيزا  "كما أنت تؤمن به عزيز "
ثم قال "رب"
إذن
آمن به ربا"كما أنت أمنت به ربا"
ثم قال "فأنظرني إلى يوم يبعثون "
إذن آمن باليوم الأخر "كما أنت آمنت باليوم الآخر"
وهو إبليس ولكنه كفر رغم انه عرف الله تعالى ولكنه كفر
تحدى الله وعصى أمره وجاهره بقوله فها هو الآن كافر
تمادى وتعدى وستهزأ وتوعد
 ولكن ماذا عنك  
هيا قيم هذا الإيمان ولا تجعله فقط بالقول
لمجرد انك تعصي الله بأي أمر "كالغيبة ,,النظر للمحرمات ,,الخمر ,,إلخ"
فأنت ضعيف الإيمان أن كنت تفعل
هيا اختبر نفسك وكن صادقا معها :
الم تعرف أن الله يراقبك! فكيف تعصيه ؟!
الم تعرف ماذا ينتظرك !فكيف تعصيه ؟
الم تعرف كيف ستعرض على الله عز وجل ! فكيف تعصيه ؟
قسوة قلبك الذي لا يرحم اليتيم ولا يحن على المسكين .فكيف تعصيه ؟
قال تعالى
"ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة"البقرة
عدم إتقان العبادات وعدم المسارعة للطاعات
قال تعالى"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا
مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ  "الحج
إذا شعرت بضيق الصدر وأي أمر يخرجك عن طورك
لا ترحم ولا تحلم
اذا لم تغضب عندما تهتك حرمات الله تعالى "فأنت ضعيف الإيمان "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على ابيض مثل الصفا فلا تضره فتنه ما زالت السموات والأرض والأخر مسودا مربدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما اشرب من هواه"مسلم
الشح والبخل اذا وجدتهما بك "فانت ضعيف الايمان "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اياكم والشح فأنما هلك من كان قبلهم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا وامرهم بالقطيعة فقطعوا وامرهم بالفجور ففجروا "ابي داوود
النفاق الاعتقادِ "أن تقول ما لا تعتقد تملق أو ,,,"
النفاق العملي "أن تفعل ما لا تقول تقصيرا وضعف"
"فأنت ضعيف الإيمان "
إذا فرحت بمصيبة حلت بمؤمن "أنت ضعيف الإيمان "

قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشبهات لا يعلمه كثيرا من الناس استبرأ لدينيه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك ان يوقعه الا وان لكل ملك حمى ألا ان حمى الله بأرضه محارمه ألا و إن في الجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد كله وان فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"الأم البخاري رحمه الله
انفصام عرى الأخوة بين المؤمنين
قال رسول الله "المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ويقول والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما بذنب يحدثه احدهما .."رواه احمد
إذا كنت ممن ينشد بهم الفزع والهول والخوف عند نزول مصيبة فلا يحتمل المصيبة ولا يحتمل خبر سيء لأنه مال للدنيا واركن عليها "أنت ضعيف الإيمان "

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ … ( لقمان)


الحكمة من هذا الموضوع
أولا علينا أن نزن  إيماننا ونسأل  أنفسنا عن إيماننا هل هو كإيمان إبليس أم كإيمان السلف الصالح ..,
ثانيا علينا أن نأخذ الحكمة ممن سبقونا ولنحذر من أن نكون محطة يعتبر بمصابها الناس ولنكن محطة منيرة يقتدي بها الناس على نهج المصطفى العدنان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
وفي الختام
اللهم اغفر لنا زلاتنا ,,,اللهم ارزقنا الإخلاص بقطرات دمائنا ,,
اللهم ثبت قلوبنا بعد إذ هديتنا ,,,اللهم آمين

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

بعض الأدِلةِ في تنـزيه اللهِ عن الجهة والمكان

بسمِ اللهِ الرَّحـمنِ الرحيمِ



الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ وصلَّى اللهُ وسَلَّم على سيدِ المرسلينَ وإمامِ المتقينَ نبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى جَميعِ إخوانِهِ من النّبيين والمرسلينَ وعلى ءَالِهِ وصحبِه الطّيبينَ.


بعض الأدِلةِ في تنـزيه اللهِ عن الجهة والمكان : 
اعلم أخي المسلم أنّ اعتقاد المسلمين سلَفِهم وخلفِهم أنّ اللهَ غَنيّ عن العالمين ،أي مُستَغنٍ عن كُلِّ مَا سِواهُ أَزلاً وأَبدًا فلا يحتاجُ إلى مَكانٍ يَقُومُ بهِ أو شَىءٍ يحُلُّ بهِ أو إلى جِهةٍ


ويَكفِي في تَنـزِيهِ اللهِ عن المكانِ والحَيِّزِ والجِهةِ قَولُه تَعالى


( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشُّورى:11


فلَو كانَ لهُ مَكانٌ لكَانَ لهُ أَمثالٌ وأَبعَادٌ طُولٌ وعَرضٌ وعُمقٌ ومَن كانَ كذَلكَ كانَ مُحدَثًا مخلُوقًا محتاجًا لمن حَدَّه بهذا الطُّولِ وبهذا العَرضِ وبهذا العُمق.


هذا الدّليلُ مِنَ القُرءان.


أمّا مِنَ الحديثِ فمَا رواه البخاريُّ وابنُ الجارود والبيهقيُّ بالإسناد الصّحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "‏ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىءٌ غَيْرُهُ"‏


ومَعناهُ أنّ اللهَ لم يَزلْ مَوجُودًا في الأزلِ ليسَ مَعهُ أحَدٌ لا مَاءٌ ولا هَواءٌ ولا أَرضٌ ولا سماءٌ ولا كُرسِيّ ولا عَرشٌ ولا إنسٌ ولا جِنّ ولا ملائكةٌ ولا زَمانٌ ولا مَكانٌ ولا جِهةٌ


فهوَ تَعالى موجُودٌ قَبلَ المكانِ بلا مَكانٍ ولا جِهةٍ


وهوَ الذى خَلقَ المكانَ والجِهات فلَيسَ بحاجَةٍ إليها


وهَذا ما يُستَفادُ مِنَ الحديثِ المذكُور.


وقال الحافظ البيهقي في كتابِه الأسماء والصفات:" استَدلَّ بعضُ أصحَابِنا في نَفيِ المكانِ عَنهُ تَعالى بقَولِ النّبيِ صلى الله عليه وسلم:


اللهُمَّ أَنتَ الظَّاهِرُ فلَيسَ فَوقَكَ شَىءٌ، وأَنتَ الباطِنُ فَلَيسَ دُونَكَ شَىءٌ" "


وهَذا الحديثُ فيهِ الرّدُّ أيضًا على القَائلينَ بالجِهةِ في حَقِّهِ تَعالى.


وأمّا رَفعُ الأيدي عندَ الدّعاء إلى السّماء فلا يدُلُّ على أنّ اللهَ متَحيِّزٌ في جِهةِ فَوق لأنّ السّماءَ قِبلَةُ الدُّعاءِ كمَا جَعَل اللهُ الكَعبةَ قِبلَةً للصّلاةِ والدّعاء وهي مَسكَنُ الملائكةِ الكِرام .


وقالَ الإمام السَّلفي أبو جعفر الطحاوى في عقيدته التي ذكر أنها عقيدةُ أهلِ السّنّة والجماعة:تَعالى (يعني الله) عن الحدودِ والغَاياتِ والأركانِ والأعضَاءِ والأدَوات لا تحوِيهِ الجِهاتُ السِّتُّ كسَائرِ المبتَدَعاتِ ".انتَهى. الجِهاتُ السِّتُّ هيَ فَوق وتحت ويمين وشمال وأمَام وخَلف، هذه الجِهاتُ تختَصّ بالمخلوقِين،أما الله فلا يوصف بالجهة لأنّه خَالقُها ولا يحتاجُ إليهَا.
هذا وقد قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه المتوفى سنة 150 هـ في كتابه "الوصية" :" ولِقاءُ الله تعالى لأهلِ الجنة بلا كيفٍ ولا تشبِيه ولا جِهةٍ حقّ " اهـ


وقالَ الإمام مالكٌ رضي الله عنه المتوفى سنة 179 هـ :" الرحمن على العرش استَوى كما وصَفَ نَفسَه ولا يقالُ كيفَ وكيفَ عنهُ مَرفُوع" اهـ. رواه البيهقي بإسناد جيد ، ولم يقل " والكَيفُ مجهُول".


وقال الإمامُ الشافعي رضي الله عنه: "مَن انتهَضَ لمعرفةِ مدَبِّرِه فانتَهى إلى موجُودٍ يَنتَهِي إليهِ فِكْرُه فهوَ مُشَبِّهٌ ومَن انتَهى إلى العدَم الصِّرْفِ فهوَ مُعَطِّلٌ ومَن انتَهى إلى مَوجُودٍ واعتَرفَ بعَجْزِه عن إدراكِه فهوَ موَحِّدٌ" انتهى". رواه البيهقي وغيره
قالَ الإمام أحمد بنُ حنبل رضي الله عنه المتوفى سنة 241 هـ "والله تعالى لا يَلحَقُه تغَيُّرٌ ولا تَبدُّل ولا تَلحَقُه الحدودُ قبلَ خَلقِ العَرشِ ولا بَعدَ خَلقِ العَرش.


وكانَ يُنكِر- الإمام أحمد – على مَن يقول" إن اللهَ في كلِّ مَكانٍ بذاتِه لأنّ الأمكِنةَ كلَّها محدُودة ". رواه الإمام أبو الفضل التّميمي الحنبلي في كتاب * اعتقاد الإمام أحمد*




وصانعُ العالم لا يحويهِ قُطرٌ تَعالى اللهُ عن تَشبِيهِ


قَد كانَ مَوجُودًا ولا مَكانَا


وحُكمُه الآنَ على مَا كانَا


سبحـانَهُ جَلَّ عن المكانِ


وعزَّ عَن تغَيُّـرِ الزّمـانِ


فقد غـَلا وزادَ في الغُلُوِّ


مَن خَصّـه بجـِهَةِ العُلُوِّ
بارك الله في من كتبه