الخميس، 28 أبريل 2011

صحابي جليل من أصحاب النبيِّ

الحمد لله،

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
أحبه رسول الله فأحببته
مقتطفاتٌ من سيرة عَلَمٍ من أعلام هذه الأمَّة،
وبطلٍ من أبطالها،
وفارسٍ من فرسانها،
صحابي جليل من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم –
نقتبس من سيرته العطرةِ الدروسَ والعِبَر.
هذا الصحابي شهِد المشاهد كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهد بدرًا وأُحُدًا والخندق، وغيرها من معارك المسلمين الفاصلة، أسلم وعمرُه لم يتجاوز السابعةَ عشرَ عامًا، وكان من السابقين إلى الإسلام، يقول عن نفسه: "ما أسلم أحدٌ إلا في اليوم الذي أسلمتُ فيه، ولقد مكثتُ سبعةَ أيامٍ وإنِّي لَثُلُثُ الإسلام"[1].
وكان قائدًا لجيش المسلمين في معركة القادسية الشهيرة، وعلى يديه فُتِحَتْ مدائنُ كِسْرى، وهو أوَّل مَن أراق دمًا في سبيل الله، وأوَّل مَن رمى بسهمٍ في الإسلام، وقد فداه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأبوَيْه يوم أُحُدٍ، عندما رأى شجاعته واستبساله في الدِّفاع عنه - صلى الله عليه وسلم - وهو أحدُ العشرة المبشَّرين بالجنَّة، وهو أحد السِّتَّة الذين توفيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راضٍٍ.

قال عنه الذَّهبيُّ: "الأمير أبو إسحاق سعد بن أبي وقَّاص، واسم أبي وقَّاص: مالك بن أُهَيْب القرشي الزُّهْري المكِّي، وله قرابةٌ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فهو من بني زُهْرَة، وأم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - آمِنة بنت وهبٍ زُهريَّة، وهي ابنة عمِّ أبي وقَّاص"[2].

عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((هذا خالي، فَلْيُرِني امرؤٌ خالَه))[3].

قالت عائشة بنت سعد: "كان أبي قصيرًا، دَحْداحًا، غليظًا، ذا هامَةٍ"، وجاء في بعض الروايات: أنه كان يميل إلى السُّمْرة.

عن مصعب بن سعد، عن أبيه - رضي الله عنه - أنه نزلت فيه آياتٌ من القرآن؛ قال: "حَلَفَتْ أمُّ سعدٍ أن لا تكلِّمه أبدًا حتى يَكْفُرَ بدِينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: "زَعَمْتَ أنَّ اللهَ وصَّاك بوالدَيْك، وأنا أمُّكَ، وأنا آمُرُكَ بهذا"، قال: مَكَثَتْ ثلاثًا، حتى غُشِيَ عليها من الجَهْد، فقام ابنٌ لها يقال له: عُمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - في القرآن هذه الآية: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]"[4].

وفي روايةٍ أنه قال: "يا أُمَّهْ، تعلمين - واللهِ - لو كانت لك مِائةُ نَفْسٍ، فخرجتْ نَفْسًا نَفْسًا؛ ما تركتُ ديني هذا؛ فإن شئتِ فَكُلي، وإن شئتِ لا تأكلي، فأَكَلَتْ"[5].

وقد كانت لسعد مواقفُ عظيمةٌ، تدلُّ على شجاعته ونُصْرَته لهذا الدِّين، فمن ذلك ما رَوَتْهُ عائشةُ - رضي الله عنها - قالت: "سهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَقْدِمَه المدينة، فقال: ((ليت رجلاً صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة))، قالت: فبَيْنَا نحن كذلك، سمعنا خَشْخَشَةَ سلاحٍ، فقال: ((مَنْ هذا؟))، قال: "سعد بن أبي وقَّاص"، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما جاء بكَ؟))، قال: "وَقَعَ في نفسي خوفٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئتُ أحرسهُ"، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نام، قالت عائشةُ: فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعتُ غَطِيطَهُ[6]"[7].

ومنها ما رواه قيسٌ، قال: سمعتُ سعدًا - رضي الله عنه - يقول: "إني لأوَّل العرب رمى بسهمٍ في سبيل الله، وكنَّا نغزو مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وما لنا طعامٌ إلا ورق الشَّجَر، حتى إنَّ أحدنا لَيَضَعُ كما يضع البعير أو الشاة، ما له خلطٌ"[8]، قال الشُّرَّاح: أيْ لجفافه ويُبْسِه.


وقد أبلى سعدٌ في موقعة أُحُدٍ بلاءً عظيمًا؛ فقد جاء عن أبي عثمان أنه قال: "لم يَبْقَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأيام التي قاتل فيهنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غيرُ طلحة وسعد، عن حديثهما"؛ ا هـ[9]. وكانا يقاتلان عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ القتال، وكان ذلك في موقعة أُحُد، وكان سعد من أمهر رُماةِ العرب.

عن عبدالله بن شدَّاد - رضي الله عنه – قال: سمعتُ عليًّا يقول: "ما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبوَيْه لأحدٍ غير سعد بن مالك؛ فإنه جعل يقول له يوم أُحُدٍ: ((ارمِ فِداكَ أبي وأمِّي))[10]، وهذا الحديث يدلُّ على كفاءته العظيمة، ومنزلته عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم.

ومن المواقف التي تدلُّ على ورعه وتقواه: أنه اعتزل الفتنة التي حدثت بين الصحابة، وجاء إليه أصحابه، وقالوا: "يا سعد، ألا تشارك معنا في القتال؟"، قال: "لا، حتى تأتوني بسيفٍ له عينان ولسان، يقول: هذا مؤمنٌ، وهذا كافرٌ، وأنشد يقول:


لاَ تَخْلِطَنَّ خَبِيثَاتٍ بِطَيِّبَةٍ وَاخْلَعْ ثِيَابَكَ مِنْهَا وَانْجُ عُرْيَانَا


ومنها ما رواه عامر بن سعد، قال: "كان سعد بن أبي وقاص في إبِلِهِ، فجاء ابنه عُمر، فلما رآه سعد قال: "أعوذ بالله من شَرِّ هذا الرَّاكب"، فنزل فقال له: "أَنَزَلْتَ في إِبِلِكَ وغَنَمِكَ، وتركتَ الناس يتنازعون المُلْكَ بينهم؟"، فضرب سعدٌ في صدره فقال: "اسكتْ، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الله يُحِبُّ العبدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ))[11].

والمراد بالغني: غني النفس، والخفي: المنقطع إلى العبادة، والاشتغال بأمور نفسه، لا يبغي منصبًا ولا شهرة.


وذكر الذَّهبي في "سِيَرِه": "إنَّه لما احتضرَ، قال ابنه مصعب بن سعد: كان رأسه في حِجْري، فبكيتُ، فرفع رأسه إليَّ، فقال: أيْ بُنيَّ، ما يُبكيكَ؟، قلت: لمكانِكَ، وما أرى بكَ، قال: لا تبكِ؛ فإن الله لا يُعَذِّبُني أبدًا، وإني من أهل الجنة؛ قال الذهبي: صَدَقَ والله؛ فهنيئًا له"[12].

وكانت وفاته سنة خمسٍ وخمسين من الهجرة، في قصره بالعقيق، وأوصى أن يُدْفَنَ في جُبَّة صوفٍ، وقال: "لقيتُ المشركين فيها يوم بدرٍِ، وإنَّما خبأتُها لهذا اليوم"، وعمره آنذاك ثمانٍ وسبعون سنةً، ودُفِنَ بالبقيع، رضي الله عن سعد، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
زلزل يا سعد الإيوان وأحمي للناس القرآن
وأنصر بالله كتائبنا وأنصر بالكون الإيمان
قد ضل الفرس وقد عبدوا من دون الله النيران
وتراجع رستم في عجبٍ ليلاقي كسرى حيرانا
فعلت رايات محبتنا وملئنا العالم إحسان
ونشرنا الإسلام ضياء أنت في الكون العنوان
من أنشودة للمنشد أبو راتب محمد مصطفى
[1] "صحيح البخاري"، (3/27)، برقم (3727).
[2] "سير أعلام النبلاء"، (1/92-93).
[3] "سنن الترمذي"، (5/649)، برقم (3752).
[4] "صحيح مسلم"، (4/1877)، برقم (1748).
[5] "ابن أبي حاتم"، (9/3036)، برقم (17164).
[6] وهو صوت النائم المرتفع.
[7] "صحيح البخاري"، (2/327)، برقم (2885)، و"صحيح مسلم"، (4/1875)، برقم (2410).
[8] "صحيح البخاري"، (3/27)، برقم (3728)، و"صحيح مسلم"، (4/2278)، برقم (2966).
[9] "صحيح البخاري"، (3/26)، برقم (3722)، و"صحيح مسلم"، (4/1879)، برقم (2414).
[10] "صحيح البخاري"، (3/27)، برقم (3725)، و"صحيح مسلم"، (4/1876)، برقم (2411).
[11] صحيح مسلم، (4/2277)، برقم (2965).
[12] "سير أعلام النبلاء"، (1/122-123).

الأربعاء، 27 أبريل 2011

سلسلة أدب المجاهد

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القضية/ سلسلة أدب المجاهد في السلم والحرب وفي المعاملة مع الناس .
قال تعالى جل في علاه
وَعَدَاللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنقَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّلَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنكَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُواالزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَاتَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57(
الأنفال ...


ازدَهَرَ أدبُ الجِهاد والحرب ازدِهارًا لا مثيلَ له في الإسلام؛ فقد صارَتِ الكلمة شرَفًا وحقًّا، آمَنَ الإسلامُ بدور الكلمة، وجنَّدها لخِدْمة الدعوة، ودَعا الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الشعراءَ للوقوف جَنْبًا إلى جَنْبٍ مع المقاتلين في معركة الإيمان، فالتفتَ إلى شعراء الأنْصار قائلاً: ((ما يمنعُ القومَ الذين نصروا رسولَ الله بأسلحتهم أنْ ينصروه بألسنتهم؟!)).

فوقفَ حسَّان، وكعب بن مالك، وعبدالله بن رواحة، وقالوا: نحن لها يا رسول الله، وراحوا يؤدُّون أمانةَ الكلمة كأحسن ما يكون الأداءُ: هجوا خصومَ الإسلام وأعداءَه، وألْهَبُوا إحساسَ المسلمين بالإيمان، وغرَسُوا في نفوسهم رُوحَ الجِهاد واسترخاص الرُّوح في سبيل الاستشهاد، وعِزَّة الإسلام.

يحدِّثنا التاريخُ عن دورِ الكلمة في غزوة مُؤْتَة، فيذكرُ لنا أنَّ المسلمين لمَّا نزلوا بِمَعَان من أرضِ الشام بَلَغَ العدوَّ مسيرُهم، فقامَ شرحبيل بن عمرو الغسَّاني، فجمَع أكثَر من مائة ألف مقاتل من الروم، وضمَّ إليهم مائةَ ألف أخرى من القبائل العربيَّة، فلمَّا رأى المسلمون كثرةَ العدد أقاموا على مَعَان ليلتين ينظرون في أمرِهم، فقالوا: نبعَثُ إلى رسول الله، فنخبره بعدد عدوِّنا، فإمَّا أن يمدَّنا بالرجال، وإمَّا أن يكتبَ إلينا بأمْرِه، ولكنَّ عبدالله بن رواحة يشجِّعُ الناسَ، فيقول لهم: "يا قوم، والله إنَّ التي تكرهون لَلَّتي خرجْتُم تطلبون: الشهادة، وما نقاتلُ الناسَ بعَددٍ ولا قُوَّة ولا كَثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمَنا الله به، فانطَلِقوا فإنَّما هي إحدى الحُسْنَيين؛ إمَّا ظهور، وإمَّا شهادة"، وأنشد في ذلك الموقفِ:

فَلاَوَأَبِي مَآبَ لَنَأْتِيَنْهَا
وَإِنْ كَانَتْ بِهَاعَرَبٌ وَرُومُ


فتشجَّع الناسُ، وأفْرَخَ روعهم، وقالوا: قد - والله - صَدَقَ ابنُ رواحة، ومضوا يقاتلون بإيمان وحماسة، وعندما استُشْهدَ القائدُ الأوَّل - زيد بن حارثة - تقدَّمَ جعفرُ بن أبي طالب، فأخَذَ الرايةَ، فأحاطَ به العدو مِن كلِّ جانب، فاقتحَمَ على فرسٍ له شقراء فعَقَرَها؛ حتى لا تقعَ في يد العدو، ثم أقبلَ يُقاتِل وهو ينشد:
يَاحَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا
طَيِّبَةً وَبَارِدًا شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا
عَلَيَّ إِذْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا


مشجِّعًا نفسَه، والمقاتلين مِن حوله، وأخَذَ اللِّواءَ بيمينه فقُطِعتْ، فأخذَه بشماله فقُطِعتْ، فاحتضنه بعَضُدَيه، فجاءَه رجلٌ من الروم، فضربه ضربة فقُطِع نصفين، فسقطَ القائدُ الثاني شهيدًا وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين، وجاءَ دَوْرُ القائد الثالث ابن رواحة، الذي كان مكلَّفًا بأخذ الراية بعد صاحِبَيه، فتقدَّم يأخذُها، فداخَلَ نفسَه شيءٌ من روع لا يخلو منه الموقفُ، وسيْطَرَ على الناس وجومٌ بعَثَه مقتلُ القائِدَين، فراحَ ابن رواحة ينشدُ مشجِّعًا نفسَه والمقاتلين:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لتَنْزِلِنَّهْ
طَائِعَةً أَوْ لاَلَتُكْرَهِنَّهْ
إِنْأَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّو الرَّنَّهْ
مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ
قَدْطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ
هَلْ أَنْتِ إِلاَّنُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ
جَعْفَرُ مَا أَطْيِبَ رِيحَ الْجَنَّهْ

فتشجَّعَ عبدالله بن رواحة، والتهبتْ حماسةُ المسلمين، وتقدَّم القائدُ، فأخَذَ الراية، وانْدَفَعَ يقاتلُ حتى اسْتُشْهِدَ.

وقد رَاحَ أدبُ الحرْب يغترفُ مِن مَعِين الإسلام الثَّرِيّ، فنَمَا وذكا، وانشبعت موضوعاتُه، وقَوِي تأثيرُه في النفوس، وصارَ أدبُ جهادٍ يُصوِّر أهدافَ المسلمين من الحرب، فهم يحاربون في سبيل الله؛ لإعلاء كلمة الله، ولا يقاتلون - كما كانَ حالُهم في الجاهليَّة - لعصبيَّة أو ثَأْرٍ أو مَغْنم دُنْيَوي.

ولقدْ وضَعَ القرآن الكريم وحديثُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأُسَسَ الأولى لأدبِ الحرب؛ ذكر ابن قتيبة في "عيون الأخبار" - كتاب الحرب -: أنَّ بعض الحكماء قد قال: قد جَمَعَ الله لنا أدبَ الحرب في قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 45- 46].

وكانَ الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لأصحابه: ((لا تمنَّوا لقاءَ العدو؛ فعسى أن تبتلوا بهم، ولكنْ قولوا: اللهمّ اكْفِنا وكُفَّ عنا بَأْسَهم، وإذا جاؤوكم يعزفون ويزحفون ويصيحون، فعليكم الأرضَ جلوسًا، ثم قولوا: اللهم أنت ربُّنا وربُّهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، فإذا غشوكم فثوروا في وجوههم)).

وكانَ الصحابي الجليل أبو الدرداء يقول للناس قبل المعركة: "أيها الناس، عملٌ صالحٌ قبل الغزو، فإنَّما تقاتِلون بأعمالِكم".

وراحَ هذا الأدبُ يُواكِب قضايا الإسلام ومعاركه وفتوحاتِه، وقد فَطِنَ قادةُ الجيوش ورؤساء الجُنْدِ إلى أثَرِ الكلمة في المعركة، وإلى دورها في تعبئة النفوسِ وحَشْدِ الرُّوح المعنويَّة، فاستخدموها أرْوعَ اسْتخدام؛ ذَكَرَ الطبري في "تاريخه" أنَّ سعد بن أبي وقَّاص قد جمعَ في القادسية القُرَّاءَ، وذَوِي الرأْي، وأصحاب النجدة والمُروءة، ولكنَّه لم يقتصرْ على هؤلاء وحدَهم، بل جَمَعَ معهم الأدباءَ؛ من شعراءَ وخُطَباء، وكانَ من جملة الشعراء: الشمَّاخ، والحُطَيْئة، وأَوْس بن مغراء، وعَبْدَة بن الطيِّب، ودفَعَ بهم إلى ساحات القتال، وقال لهم قَبْلَ أنْ يُرْسِلَهم: "انطلقوا فقوموا في الناس بما يحقُّ عليكم، ويحقُّ لهم عند مواطن البأْس، إنَّكم شعراءُ العرب وخُطَباؤهم، وذَوو رأْيهم ونجدتِهم، وسادتُهم، فسيروا في الناس، فذكِّروهم وحرِّضوهم على القتال، فساروا فيهم، ثم توَّج سعد - كما ذَكَر الطبري - تلك الحملةَ الأدبيَّة الرائعة بأنْ أمَرَ أحدَ القرَّاءِ، فقَرَأَ في الناس سورة الأنفال - أو سورة الجهاد كما تُسَمَّى - قرَأَها على الكتيبة التي كانت تليه، ثم قُرِئتْ على كلِّ كتيبةٍ بعدَها، فهشَّتْ قلوبُ الناسِ وعيونُهم، وعَرَفَوا السكينةَ مع قراءتِها.

الكلمة ترافق الفتوحات:
ومضت فتوحاتُ الخير تشقُّ طريقَها في مشارق الأرضِ ومغاربها، وكانَ الأدبُ يُواكِب الفتوحات، ويَمضِي معها مُسَجِّلاً كلَّ كبيرة وصغيرة، وانطلقت الجيوش تصاحبُها كلمات عمر بن الخطاب الخالدة في أدبِ الحرب، وخُلُق الحربِ، وهدفِ الحرب في الإسلام.

ذَكَرَ ابنُ قتيبة في "عيون الأخبار" أن عمر - رضِي الله عنْه - كان إذا بعثَ أُمَراءَ الجيوش، أوصاهم بتقوى الله العظيم، ثم قال عند عقْد الأَلْوِيَة: "بسم الله، وعلى عَوْنِ الله، وامْضُوا بتأييد الله بالنصر، وبلزوم الحقِّ والصبر، فقاتِلُوا في سبيل الله مَن كفَرَ بالله، ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحبُّ المعتدين، ولا تجْبُنوا عند اللقاءِ، ولا تمثلوا عند القُدرة، ولا تُسْرفوا عند الظهور، ولا تقتلوا هَرَمًا ولا امْرأة ولا وَلِيدًا، وتَوَقّوا قتلَهم إذا الْتَقَى الزحفان، وعند حُمَّة النَّهْضات – أي: شِدَّتها - وفي شنِّ الغارات، ولا تغلّوا عند الغنائم – أي: لا تخونوا - ونَزِّهوا الجهادَ عن غَرَضِ الدنيا، وأبشروا بالرَّباح في البيع الذي بايعتُمْ به، وذلك هو الفوز العظيمُ".

ولو مضَيْنَا نستَقصِي الأدبَ الذي قيلَ في فتوحات المسلمين، لتجمَّع لدينا من ذلك مجلداتٌ، وحسبُنا أنْ نسوقَ أمثلةً من هنا وهناك تبيِّنُ لنا دورَ الكلمة الشريفة في المعركة، ففي معركة القادسية الْتَحَمتْ جيوشُ المسلمين بجيوش الفُرْسِ الأكاسرة، وتحقَّق لهم انتصار حاسمٌ كان فَيْصَلاً بيْن عهْدِ الأكاسرة وعهْد الحُكْم الإسلامي، وسقَطَ "رُسْتم" - القائد الفارس المحنَّك - صريعًا تحتَ سنابك خَيْل المسلمين، فوقَف قيسُ بن المكشوح المرادي يتغنَّى بالنصر، مزهوًّا بما فتحَ اللهُ على المسلمين من تأييد وظفرٍ:
جَلَبْتُ الْخَيْلَ مِنْ صَنْعَاءَ تَرْدَى
بِكُلِّ مُدَجَّجٍ كَاللَّيْثِ سَامِ
وَجِئْنَ الْقَادِسِيَّةَ بَعْدَ شَهْرٍ
مُسَوَّمَةً دَوَا بِرُهَا دَوَامِي
فَلَمَّاأَنْ رَأَيْتُ الْخَيْلَ جَالَتْ
قَصَدْتُ لِمَوْقِفٍ الْمَلِكِ الْهُمَامِ
فَأَضْرِبُ رَأْسَهُ فَهَوَى صَرِيعًا
بِسَيْفٍ لاَ أَفَلُّ وَلاَ كَهَامِ
وَقَدْأَبْلَى الإِلَهُ هَنَاكَ خَيْرًا
وَفِعْلُ الْخَيْرِ عِنْدَاللهِ نَامِ


وكانَ للكلمة أثرُها في فتوح الشام، وكانَ أبْرَزُ فرسان الحلْبة وشعرائها هناك القعقاع بن عمرو، الذي مَضَى يصفُ لنا عددًا من المعارك بَدْءًا بمعركة (مرج الصُّفَّر)؛ حيث تمَّتْ هزيمة الغساسنة، ثم معارك (بُصْرَى)، ثم معركة (اليرموك) الكبرى؛ حيث أظهرَ اللهُ خالد بن الوليد على أعدائه، وكتَبَ الفتحَ للمسلمين، وكانَ القعقاعُ معه يخوض إلى جانبه المعركة يدًا بيد وكتفًا بكتف، وكان شعر القعقاع - كسيفه - يدوِّي في هذه المعارك جميعها، فيلهب الحماسةَ، ويشحذ العزيمةَ، كقوله:
أَلَمْتَرَنَا عَلَى الْيَرْمُوكِ فُزْنَا
كَمَا فُزْنَا بِأَيَّامِالْعِرَاقِ
قَتَلْنَاالرُّومَ حَتَّى مَا تُسَاوِي
عَلَى الْيَرْمُوكِمَفْرُوقَ الْوِرَاقِ


ولعبتِ الكلمة دورًا عظيم الأثرِ في الحروب الصليبيَّة، وما كانَ أعظمَ الحاجةَ إلى دورِها يومذاك! فقد سقطَ بيتُ المقدس بأيدي الصليبيين الكَفَرة بسبب تفرُّق المسلمين، وضَعف وحدتِهم، وكانتْ كارثةً فادحة، ومصيبة جُلَّى، فوقَف الشعراء يصوِّرون النكْبَة بقصائد تَفَطَّرُ لوعةً وأسًى، وتحثُّ المسلمين على الجهاد، وتوقظُهم من سُبَاتِهم، وتُنذِرُهم بالخطر الذي يتهدَّدُهم، ومِن ذلك - على سبيل التمثيل - قصيدة الأبيوردي المشهورة:
وَشَرُّسِلاَحِ الْمَرْءِ دَمْعٌ يُفِيضُهُ
إِذَا الْحَرْبُ شَبَّتْنَ ارُهَا بِالصَّوَارِمِ
فَإِيهًابَنِي الإِسْلاَمِ إِنَّ وَرَاءَكُمْ
وَقَائِعَ يُلْحِقْنَ الذُّرَا بِالْمَنَاسِمِ
أَرَى أُمَّتِي لاَ يُشْرِعُونَ إِلَى العِدَا
رِمَاحَهُمُ وَالدِّينُ وَاهِي الْعَزَائِمِ
وَتِلْكَ حُرُوبٌ مِنْ يَغِبْ عَنْ غِمَارِهَا
لَيَسْلَمَ يَقْرَعْ بَعْدَهَا سِنَّ نَادِمِ
أَتَرْضَى صَنَادِيدُ الأَعَارِيبِ بِالأَذَى
وَيُغْضِي عَلَى ذُلٍّكُمَاةُ الأَعَاجِمِ
فَلَيْتَهُمُ إِذْ لَمْ يَذُودُوا حَمِيَّةً
عَنِ الدِّينِ ضَنُّوا غَيْرَةً بِالْمَحَارِمِ


وبعْدَ أنْ مَنَّ الله على المسلمين باستعادة بيت المقدس، توافدَ المسلمون على الحرم الشريف من سائر الأطراف؛ ليفوزوا بالزيارة، ويحظوا بالمشاهدة للفتحِ، واجتمعَ في بيت المقدس المحرَّر عددٌ عظيمٌ لا يقعُ الإحصاء عليهم، وكان اليومُ يومَ جمعة، وقد خطَبَ القاضي محيي بن زكي الدين في هذا الموقف الْمَهِيب خطبة بليغةً تُعَدُّ من عيون أدبِ الجهاد، هنَّأ فيها المسلمين بالفتحِ، وذكَّرهم مكانة بيت المقدس، ثم حَثَّ الناسَ على تقوَى الله حتى يحافظوا على هذا الفتح، فقال لهم: "احفظوا - رحمكم الله - هذه النعمةَ عندَكم بتقوى الله، التي مَن تمسَّك بها سَلِمَ، ومن اعتصم بعُرْوتِها نجا وعُصِمَ، واحذروا من اتِّباع الهوى، ومواقف الرَّدى، ورُجوع القهقرى، وجاهِدوا في الله حقَّ جهاده، وإيَّاكم أن يستبدَّ بكم الشيطانُ، وأن يتداخلَكم الطُّغْيانُ، فيخيَّلَ إليكم أنَّ هذا النصرَ بسيوفكم الحِداد، وبخيولِكم الجِياد، وبجلادِكم في موضع الجلاد، واللهِ ما النصرُ إلا من عند الله؛ إنَّ اللهَ عزيزٌ حكيم".
إعداد محبكم حسام الحق

قمت وحيداً والكل نيام

قمت وحيداً والكل نيام
صرخوا في وجهي ياللعار
كتبوا في أوراقي أرهابي
رصدوني وأنا بالغار
مزوقوا لي مقلاعي
وأزاحو عني كل الأحجار
وقالوا أخرج من تلك الديار
قيدوني وألقوني طريدا بين الأشجار
وقفت بعيدا بين الأزهار
فتذكرت قول الهادي المختار
أخرجِوا مِنها كل غدارٍ
وأمحوا الظلمة وأشعلوا الأنوار
وأملئوا البساتين بفسيل الزعفران
دمروا بيوت الرجس إزرعوا قرى القرآن
أكتوبوا عليه سلمٍ لا إستسلام
أسودا بالحق ليسوا نيام
أسودا بالحق ليسوا بفئران
فهنئيا للحق بأسدها التي لاتضام
بقلم حسام الحق

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

مــــــــ أنوار ــن الحــــــــكمه...

مــــــــ أنوار ــن الحــــــــكمه...


"1"
ما الحياة الاَّ أمل...فعش بالأمل والحب...يصاحبها ألم...فعش بالأيمان والكفاح والصبر،وقدرقيمة الحياة.

"2"
أن الايمان بالقضاء والقدر من ركائز الأيمان، ولكن ليس من الأيمان، أن نسقط نتائج عجزنا، وفشلنا،

وتقاعسنا، وجهلنا، وتواكلنا، وأهمالنا على القضاء والقدر..

"3"
أذا كانت مظاهر التخلف اقداراً، فيجب ان نعلم أن الأيمان والتقوى والعبودية لله، لاتمنعنا من مقاومة

هذه الأقداربأقدارٍ غيرها،فالتعلم قدر،والفعالية قدر،فَلِمَ لاتعترف بالقدر الاَّ عندما يكون سيئاً؟!!..

"4"

بمقدار مايدرك الانسان سنن الله،ويعمل بحسبها،فأنه يتخلص من نفسية التشاؤم والانكماش،وينطلق

في حياته متفائلاً على بصيره...

"5"
حيث تكون طهاره توجد الحياة...وحيث تكون الحياة يوجد الحب...وحيث يوجد الحب تكون السعاده..

"6"
ســـر النجاح في الحياة ...هو ان يكون الأنسان مستعداً لأعتنام الفرصه عندما تأتي،،،

"7"
ميدانكم الأول أنفســـكم،فان أنتصرتم عليها ،كنتم على غيرها أقدر. وأن خذلتم فيها ،كنتم على غيرها أعجــز.

فجــــربوا معها الكفــــاح أولاً...

"8"
ليس هناك ظالم ولا مظلوم....هناك فقط أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بأن يتحملوا الظلم.

"9"
لايـــوجد انســان ضعيف، بل يوجد أنسان يجهل مواطن قوته..

"10"
الرجل على قدر همته,,وصدقه على قدرمروءته...وشجاعته على قدر أنفته...وعفته على قدر غيرته..

في أصعب اللحظات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمرُّ المسلم في حياته على بعض المواقف الصعبة والمحرجة، وعندما ينظُر المسلم إلى حياتنا اليوميَّة يجد خَيْبَةَ الأمل؛ فكثيرٌ من الناس اليومَ يشتَكُون من فقْد الأخوَّة في الله، أو فقْد رُوح الأخوَّة التي حثَّنا عليها الشارع في الكتاب والسنَّة.

يقول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

ويقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثَلُ الجسد؛ إذا اشتَكَى منه عضوٌ تَداعَى له سائر الجسد بالسَّهَر والحمَّى)).

أحبتي، أنا لستُ متشائمًا، ولكن هذه هي الحقيقة الموجودة في حياتنا، والسؤال الذي يَطرَح نفسه: لماذا أصبحَتِ الأخوَّة مصلحةً دنيويَّة، أو مصلحة قرابة، أو قبيلة أو عشيرة، أصبحت الأخوَّة اليومَ مُعلَّقة أو مُقيَّدة بمصلحةٍ دنيويَّة، بعيدة عن تحقيق الهدف الأخروي، والله المستعان.

أصبحَتْ أخوَّتنا اليومَ مُقيَّدة بولد العم وولد الخال.
وأصبحَتْ أخوَّتنا اليومَ مُقيَّدة بالأقرباء وأهل القبيلة.
وأصبحَتْ أخوَّتنا اليومَ مُقيَّدة بالجار وزميل العمل فقط.

وهذه كلُّها من ضعْف مفهوم الأخوَّة في الله عندنا؛ لأنَّ الشرع أمَر وحثَّ على الأخوَّة والمحبَّة في الله في كثيرٍ من الآيات والأحاديث النبويَّة.

قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].

وقد ثبَت أيضًا في "صحيح مسلم" - رحمه الله تعالى -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله - جلَّ جلالُه - يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أظلُّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي)).

"أين المتحابُّون بجلالي"؛ يعني: الذين تآخوا محبَّةً في الله، ورغبةً في الله، لم تُقرِّب بينهم أموالٌ، لم تُقرِّب بينهم أنساب، وإنما حب هذا لهذا لا لغرضٍ من الدنيا؛ وإنما لله - جلَّ جلاله.

وهذا هو الذي دَلَّ عليه الحديث الآخَر المتفق على صحَّته المشهور؛ ((سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله))، وذكر منهم: ((رجلان تحابَّا في الله، اجتَمَعا عليه وتفرَّقا عليه)).

فهذه النصوص تدلُّ على عظم شأن المحبَّة في الله، وعلى عظم شأن أنْ تُقام الأخوَّة في الله على أساسٍ من المحبَّة التي جاءَتْ في النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة، وإذا كان كذلك، وإذا كانت المحبَّة على الفضل العظيم.

أخي الحبيب، أين نحن من أخوَّة سلفنا الصالح، الذين لا يقدِّمون مصلحة الدنيا على حبِّ الآخرة؟

فيقول محمد بن المنكدر - لَمَّا سُئِل: ما بقي من لذَّته في هذه الحياة؟ - قال: "لقاء الإخوان، وإدخال السرور عليهم".

وقال الحسن: "إخواننا أحبُّ إلينا من أهلينا؛ إخواننا يُذكِّروننا بالآخرة، وأهلونا يُذكِّروننا بالدنيا".

وسُئِل سفيان: ما ماء العيش؟ قال: "لقاء الإخوان".

وقيل: "حلية المرء كثرة إخوانه".

وقال خالد بن صفوان: "إنَّ أعجز الناس مَن يُقصِّر في طلب الإخوان، وأعجز منه مَن ضيَّع مَن ظفر بهم".

رُوِي أنَّ رجلاً جاء إلى أبي هريرة فقال: إني أريد أن أواخيك في الله، فقال: أتدري ما حقُّ الإخاء في الله؟ قال له: عرفني! قال: ألاَّ تكون أحق بدينارك ودرهمك منِّي! فقال الرجل: لم أبلغ هذه المنزلة بعدُ، فقال أبو هريرة - رضِي الله عنه -: فدعك عنِّي.

عن ابن عمر - رضِي الله عنهما - قال: "ثم لقد أتى علينا زمانٌ - أو قال: حينٌ - وما أحدٌ أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحبُّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كم من جارٍ متعلِّق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب، هذا أغلَقَ بابه دوني فمنع معروفه))"؛ "الأدب المفرد"؛ للبخاري.

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "ثم أهدي لرجلٍ من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأس شاة، فقال: إنَّ أخي فلانًا وعياله أحوَجُ إلى هذا منَّا، قال: فبعث إليه فلم يزل يبعث إليه واحدًا إلى آخر، حتى تداولها سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأوَّل، فنزلت: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ... ﴾ [الحشر: 9] إلى آخر الآية".

قضى ابن شبرمة حاجةً كبيرة لبعض إخوانه، فجاء بهدية، فقال ابن شبرمة: ما هذا؟ قال أخوه: لما أسديته إليَّ من معروف، قال ابن شبرمة: خُذْ مالك - عافاك الله - إذا سألتَ أخاك حاجةً، فلم يجهد نفسه في قضائها، فتوضَّأ للصلاة وكبِّر عليه أربع تكبيرات وعدَّه في الموتى.

وهكذا، فإنَّ أمثلة الإخاء في الله المشرقة لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، على أنَّ السلف الصالح كانوا يَعِيشون في ظِلال الأخوَّة الإسلاميَّة الوارفة، متحابين مُتكاتِفين، مُتعاوِنين متفانيين، رُحَماء بينهم، أذلَّة على المؤمنين من إخوانهم، أشدَّاء على الكفَّار وأعزَّة عليهم.

فحيّ على رجالٍ نُجَباء يتآخون في الله، ويُحيُون تاريخ أمَّتنا التَّلِيد، ويَصُوغون فجر صحوة تهزُّ البَيْرَق، وتُعِيد المجد لأمَّة المجد.

اليوم كثْرة الاتِّصالات الحديثة والتقنيات المبتَكَرة، ولكنْ ضعُفت الهمَّة والعزيمة في الاستِفادة منها.

يمرُّ اليوم أو اليومان أو الثلاثة، أو الأسبوع، أو الشهر لا يَسأَل الأخ عن أخيه، وهذا - والله المستعان - من اشتِغال الناس بحطام الدنيا وجمع المال.

اليوم الأخوَّة والمحبَّة في الله محصورةٌ بين بعْض الصالحين في أبناء قبيلتي وعشيرتي.
اليوم الأخوَّة والمحبَّة في الله محصورةٌ في كلِّ مَن كان من دائرتي أو قريتي.
اليوم الأخوَّة والمحبَّة في الله محصورةٌ في أبناء جنسيَّتي وبلدي فقط، وكأنَّ الأخوَّة مقيَّدة بهؤلاء! فتجد تطبيق الأخوَّة في كثيرٍ من المؤسَّسات والدوائر الحكوميَّة ضعيفًا، وفي بعضها غير موجود، وهذا مُشاهَد في كثيرٍ من الدوائر والمدارس والجامعات.

أخي الحبيب، تأمَّل حديثَ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في "صحيح مسلم" جاء عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنَّ رجلاً زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصد الله له على مَدرَجَتِه ملَكًا، فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمةٍ تربُّها؟ قال: لا، غير أنِّي أحبَبتُه في الله - عز وجل - قال: فإنِّي رسولُ الله إليك بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه))؛ رواه مسلم.

أين نحن من هذا الحديث؟ رجلٌ يزور أخًا له في الله، وليس من أجل مصلحةٍ أو مالٍ، يزوره من أجل المحبَّة في الله، المحبَّة التي افتَقدَها وضيَّعَها كثيرٌ من الصالحين وطلاَّب العلم.

تقدم الخدمة أو المصلحة اليوم من أجل مصلحة، أو معرفة، أو قرابة، لماذا ابتعدنا عن منهج نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسلفنا الصالح؟

أخي الحبيب، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّ الله يَقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أظلُّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي))؛ رواه مسلم.

وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((قال الله - عزَّ وجلَّ -: المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نورٍ، يغبطهم النبيُّون والشهداء))؛ رواه الترمذي وصحَّحه.

وحَدَّث أبو مسلم الخولاني فقال: دخَلتُ مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإذا فيهم شابٌّ أكحل العينين، برَّاق الثنايا ساكت، فإذا امترى القوم في شيءٍ، أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليسٍ لي: مَن هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل، فوَقَع له في نفسي حبٌّ، فكنتُ معهم حتى تفرَّقوا، ثم هجَّرت إلى المسجد، فإذا معاذ بن جبل قائم يُصلِّي إلى ساريةٍ، فسكتَ لا يُكلِّمني، فصلَّيتُ ثم جلَستُ فاحتبيت برداءٍ لي، ثم جلَس فسكتَ لا يكلمني، وسكتُّ لا أكلِّمه، ثم قلت: والله إني لأحبُّك، قال: فيمَ تحبُّني؟ قال: قلت: في الله - تبارك وتعالى - فأخذ بحبوتي فجرَّني إليه هنيَّة، ثم قال: أبشرْ إنْ كنت صادقًا؛ سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نورٍ، يغبطهم النبيُّون والشُّهداء))، قال أبو مسلم: فخرَجتُ فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: يا أبا الوليد، ألاَ أحدِّثك بما حدَّثني معاذ بن جبل في المتحابين؟ قال: فأنا أحدثك عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يرفعه إلى الرب - عزَّ وجلَّ - قال: ((حقَّتْ محبَّتي للمتحابين فيَّ، وحقَّتْ محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقَّتْ محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقَّتْ محبتي للمتواصلين فيَّ))؛ رواه الإمام أحمد.

وضمن السبعة الذين يُظلّهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله: ((رجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه))؛ يعني: جمعَتْهم المحبَّة في الله فاجتمعوا عليها، ولم يُفرِّقهم ولم يقطع هذه المحبَّة إلاَّ الموت، أو انقِطاع سببها.

ومن المحبَّة النافعة الحبُّ في الله، فتكون العلاقات بين الناس والحب لا لأجل القرابة فحسب، ولا لأجل توافُق الطباع وارتِياح كلِّ شخصٍ للآخَر.

فالمؤمن يُحَبُّ لأجل إيمانه، لا لجنسٍ ولا لِلونٍ ولا لبلد مُعيَّن، وإنما يُحبُّ في الله ولله، حتى نسمع عن الرجل الصالح أو المرأة الصالحة، فتحبّهم قلوبُنا وإنْ لم نعرف أشخاصهم.

ويجب أنْ تكون المحبَّة بين المتحابين خالصةً لله؛ ولذا قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تُصاحب إلا مُؤمِنًا))؛ رواه أبو داود والترمذي، فإنَّ المحبَّة إذا كانت خالصةً لله - عزَّ وجلَّ - نفعَتْ صاحبَها وحُشِر مع مَن أحبَّ.

تأمَّل هذه الأقوال الجميلة: آيات الله، وأحاديث الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأقوال سلف الأمَّة، تُعطِك دليلاً على واقعيَّتها ومصداقيَّتها.

أخي الحبيب:
مَن الذي أعانك على الالتزام والدخول في عالم الهداية؟
مَن الذي يُثبِّتك على طريق الاستقامة في خضمِّ هذه الفتن؟
مَن الذي تبثُّ إليه همومك؟
مَن الذي يقف معك عند النكبات والأزمات؟

لذلك قال عمر: "لقاء الإخوان جلاء الأحزان".

إذًا كيف يَطِيبُ لعاقلٍ أنْ يقطع أواصر الأخوَّة والمحبَّة، ليعيش حياة الهموم والغموم، بعيدًا عن فضائل الأخوَّة والمحبَّة في الله ونتائجها العظيمة؟!
بقلم أخوكم حسام الحق

سحر البيان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله
والصلاة والسلام على خير خلق الله
بداية أنار الله قلوبكم بالقرآن
سحر البيان
للبيان أثرٌ لا يُدانيه أثر، إنَّه سِحر عجيب، يرفع ويخفض، يجرح ويأسو، يصنع الأعاجيب.

ألَم يأتك نبأُ القوم الذين كانوا يُعيَّرُون باسم غلب عليهم، وعُرِفوا به، وهو (أنف الناقة)، فجعل منه الحطيئة شرفًا لا يعدله شرف، حين قال في حقِّهم:
قَوْمٌ هُمُ الْأَنْفُ وَالْأَذْنَابُ غَيْرُهُمُ     وَمَنْ يُسَوِّي بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبَا؟!
على حينِ نزل جريرٌ بآخرين إلى درْك ما دونه درْك، حين قال في حقِّ شاعرهم:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيرٍْ        فَلاَ كَعْبًا بَلَغْتَ  وَلاَ  كِلاَبَا
إنَّه البيان الذي جعله المولى - عزَّ وجلَّ - على رأس آلائه التي امتنَّ بها على خَلْقه من الإنس والجن، وقرنه بنعمة الخلق حيث قال: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1- 4].

وحسبُك به من نعمة توصل إلى نِعم كثيرة، وهل يُدرَك القرآن إلاَّ بالبيان؟! أو يوصل إلى الإيمان إلاَّ بالبيان؟! أو يُحمَد الرحمن إلاَّ بالبيان؟!
بل هل يتواصل الإنسانُ إلاَّ بالبيان؟! أو يُعبِّر عن أرقِّ مشاعره وأحاسيسه إلاَّ بالبيان؟!

إنَّ البيان إذا ما رضي، أرضى الناس جميعًا، وداخَلَ الضمائر والقلوب:
إِذَا مَا صَافَحَ الْأَسْمَاعَ يَومًا        تَبَسَّمَتِ الضَّمَائِرُ وَالْقُلُوبُ
وإذَا ما غضب أو سخط، أسخط كلَّ مَن يسمعه، وخلَّف جرحًا لا يندمل:
جِرَاحَاتُ السِّنَانِ لَهَا الْتِئَامُ        وَلاَ يَلْتَامُ مَا جَرَحَ  اللِّسَانُ
إنَّه الكلام الذي يمتزج بأجزاء النفس لطافةً، وبالهواء رقةً، وبالماء عذوبةً، إذا ما سمعتَه فكأنَّ السحر يدِبُّ في جسدك.

ولا غروَ، فقد وصفه بذلك أفصحُ من نَطَق به، وهو رسولنا المعظَّم - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث قال: ((إنَّ من البيان لسِحرًا)).

ثم أَخَذ ذلك ابنُ الرومي، فأضفى عليه مسحةً من شاعريته؛ ليقول:
فِي زُخْرُفِ  الْقَوْلِ  تَزْيِينٌ  لِبَاطِلِهِ    وَالْحَقُّ  قَدْ   يَعْتَرِيهِ   سُوءُ تَعْبِيرِ
تَقُولُ: هَذَا مُجَاجُ النَّحْلِ  تَمْدَحُهُ    وَإِنْ  ذَمَمْتَ  تَقُلْ:  قَيْءُ  الزَّنَابِيرِ
مَدْحًا وَذَمًّا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا    حُسْنُ الْبَيَانِ يُرِي الظَّلْمَاءَ كَالنُّورِ
وقد نَزَل القرآنُ على أمَّة أميَّة ما تحسن شيئًا إحسانها للبيان، وما تقدِّر شيئًا تقديرها للكلمة الفصيحة، والشعر البليغ، والقول المؤثِّر، حتى لقد وُصِفت– أي أهل الجاهلية- بأنَّها أمَّة سجدتْ للبيان قبلَ أن تسجد للأوثان، وقد سمعْنا بمَن استهزأ بالأوثان، لكنَّا لم نسمعْ أبدًا أنَّ أحدًا منهم استهزأ بالبيان.

وكان مِن تمام عنايتها بهذا البيان أن أقامتْ للشعر دولة، ناهيك بها مِن دولة! وعقدتْ له أسواقًا ومهرجاناتٍ أصبحت ملءَ السَّمْع والبصر، وكرَّمت مبدعيه، ورفعتْ مكانتَهم، حتى غدتِ القبائل تفتخر بمبلغ ما عندها من الشُّعراء والخطباء.

من أجْل هذا أُمِر رسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يهزَّ قلوبَهم بقول بليغ، لا عهدَ لهم به، فقال عزَّ مِن قائل:
{وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا} [النساء: 63]، فلمَّا سمعوا هذا القول، طَرِبت آذانُهم، وانقادتْ له قلوبهم، حتى إنَّ كبراءهم وسادتَهم خافوا على أنفسهم، وعلى غِلمانهم من تأثير القرآن ووقعه، فنَهَوْا عن سماعه؛
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26].
 بل لقد قال بعضُهم في وصفه كلماتٍ سطَّرها التاريخ بأحرف من نور، من مثل قول الوليد بن المغيرة: "إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنَّ أعلاه لمثمِر، وإن أسفله لمغدِق، وما هو بقول البشر"، إثر سماعه الرسولِ يتلو قولَه - جل وعلا -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
 ووصل الأمر بلَبِيد الشاعر أن كفَّ عن قول الشعر بعد أن كان مِن فحول الشعراء، ومِن أصحاب المعلَّقات، وفي هذا يقول الشاعر:
أَتَيْتَهُمْ   بِكِتَابِ   اللَّهِ    مُعْجِزَةً      أَخْجَلْتَ قُسًّا وَسَحْبَانًا وَحَسَّانَا
أَلْقَى لَبِيدُ  عَصَاهُ  حِينَ  أَعْجَزَهُ        قَوْلٌ    بَلِيغٌ    بِآيَاتٍ    لِعُمْرَانَا
وَلَمْ تَجُدْ بَعْدُ  فِي  شِعْرٍ  قَرِيحَتُهُ     شَتَّانَ  شِعْرٌ  وَآيُ   اللَّهِ   شَتَّانَا
ذَاكَ الْبَيَانُ الَّذِي  تَبْقَى  عَجَائِبُهُ      رَغْمَ الْأُنُوفِ وَإِنْ شَانُوهُ  بُهْتَانَا
أخوكم المحب لكم
 حسام الحق